الشرط الأول ثبوت النص في القرآن والسنة ، فطالما أنه لم يصح عن النبي r حديث في تعينها وسردها فلا بد لإحصائها من وجود الاسم نصا في القرآن أو صحيح السنة ، وهذا الشرط مأخوذ من قوله : } وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى {
، ولفظ الأسماء يدل على أن أنها معهودة موجودة ، فالألف واللام فيها للعهد
، ولما كان دورنا حيال الأسماء هو الإحصاء دون الاشتقاق والإنشاء فإن
الإحصاء لا يكون إلا لشيء موجود معهود ولا يعرف ذلك إلا بما نص عليه
القرآن والسنة ، قال ابن تيمية : (الأسماء الحسنى المعروفة هي التي وردت في الكتاب والسنة ) (الأصفهانية 19) ، ومن المعلوم أن الأسماء توقيفية على ولا بد فيها من تحري الدليل بطريقة علمية تضمن لنا مرجعية الاسم إلى كلام الله ورسوله r
، ولا يكون ذلك إلا بالرجوع إلى ما ورد في القرآن بنصه أو صح في السنة على
طريقة المحدثين ؛ فمحيط الرسالة لا تخرج عن هذه الدائرة ، وعلى ذلك ليس من
أسماء الله النظيف ولا السخي ولا الواجد ولا الماجد ولا الحنان ولا القيام
لأنها جميعا لم تثبت إلا في روايات ضعيفة أو قراءة شاذة .
أما الشرط الثاني فهو علمية الاسم[b] ؛ [/b]فلا بد أن يرد الاسم في النص مرادا به العلمية ومتميزا بعلامات الاسمية المعروفة في اللغة ، كأن يدخل عليه حرف الجر كقوله : } وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ { [الفرقان:58] ، أو يرد الاسم منونا كقوله : } سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ { [يس:58]
، أو تدخل عليه ياء النداء كما ثبت في الدعاء المرفوع : ( يَا حَيُّ يَا
قَيُّومُ ) (صحيح أبي داود 1326) ، أو يكون الاسم معرفا بالألف واللام
كقوله : } سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى { [الأعلى:1] ، أو يكون المعنى محمولا عليه كقوله : } الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً { [الفرقان:59]
، فهذه خمس علامات يتميز بها الاسم عن الفعل والحرف وقد جمعها ابن مالك في
قوله : بالجر والتنوين والندا وأل : ومسند للاسم تمييز حصل (شرح ابن عقيل1/21)
، وهذا الشرط مأخوذ من قوله : (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ) ، ولم يقل الأوصاف
أو الأفعال فالوصف أو الفعل لا يقوم بنفسه كالسمع والبصر وهي بخلاف
الأسماء الدالة علي المسمى بها كالسميع والبصير ، كما أن معنى الدعاء
بالأسماء في قوله : ( فادعوه بها ) أن تدخل علي الأسماء أداة النداء سواء
ظاهرة أو مضمرة والنداء من علامات الاسمية ، قال ابن تيمية : ( الأسماء
الحسنى المعروفة هي التي يدعى الله بها ) (الأصفهانية ص19)،
وعليه فإن كثيرا من الأسماء المشتهرة على ألسنة الناس هي في الحقيقة أوصاف
أو أفعال لا تقوم بنفسها وليست من الأسماء الحسنى ، فكثير من العلماء
لاسيما من أدرج الأسماء في حديث الترمذي وابن ماجة والحاكم جعلوا المرجعية
في علمية الاسم إلى أنفسهم وليس إلى النص الثابت فاشتقوا أسماء كثيرة من
الأوصاف والأفعال وهذا يعارض ما اتفق عليه السلف الصالح في كون الأسماء
الحسنى توقيفية على النص ، فالمعز المذل اسمان اشتهرا بين الناس شهرة
واسعة وهما وإن كان معناهما صحيحا لكنهما لم يردا في القرآن أو السنة ،
وحجتهم في إثبات الاسمين هو قوله تعالى : } تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ { [آل عمران:26]
، فالله أخبر أنه يُؤْتِي وَيَنْزِعُ وَيُعِزُّ وَيُذِلُّ ويشاء ولم يذكر
سوى صفات الأفعال ، فهؤلاء اشتقوا لله اسمين من فعلين وتركوا باقي الأفعال
فيلزمهم تسميته بالمُؤْتِي وَالمنْزِعُ والمشيء ، وكذلك الخافض الرافع لم
يردا في القرآن ولا السنة لكن من أدرجهما استند إلى الحديث المرفوع : (
يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ) (مسلم :179) ، وقس على ذلك المبديء المعيد الضار النافع العدل الجليل الباعث المحصي المقسط المانع الدافع الباقي.